mardi 22 mai 2012

الرقمنة





استراتيجيات رقمنة مصادر المعلومات في المكتبات ومؤسسات المعلومات


تمثل عملية الرقمنة الحلقة الأولى من ثلاث حلقات أساسية، تهدف مجتمعة إلى بناء منظومة المكتبة الرقمية، وتتمثل الحلقة الثانية في إضافة منشورات إلكترونية جديدة (سواء كانت مجانية أو مدفوعة الأجر مقابل الاطلاع) إلى مجموعات مصادر المعلومات، وأما الحلقة الأخيرة فتشمل الربط مع المصادر الأخرى المتاحة عبر شبكة الإنترنت العالمية، وتعتمد عملية الاطلاع على الاستعانة بأدوات وتقنيات البحث والببليوجرافيات وغيرها من أدوات الملاحة.
1. الرقمنة: مفاهيم أساسية
تتعدد المفاهيم المتعلقة بمصطلح "الرقمنة"، وذلك وفقاً للسياق الذي يستخدم فيه، فينظر "تيري كاني" "Terry Kuny" إلى الرقمنة على أنها عملية تحويل مصادر المعلومات على اختلاف أشكالها من (الكتب، والدوريات، والتسجيلات الصوتية، والصور، والصور المتحركة....) إلى شكل مقروء بواسطة تقنيات الحاسبات الآلية عبر النظام الثنائي (البيتات Bits)(*)، والذي يعتبر وحدة المعلومات الأساسية لنظام معلومات يستند إلى الحاسبات الآلية، وتحويل المعلومات إلى مجموعة من الأرقام الثنائية، يمكن أن يطلق عليها "الرقمنة"، ويتم القيام بهذه العملية بفضل الاستناد إلى مجموعة من التقنيات والأجهزة المتخصصة.
وتشير "شارلوت بيرسي" "Charlette Buresi" إلى الرقمنة على أنها منهج يسمح بتحويل البيانات والمعلومات من النظام التناظري إلى النظام الرقمي.
ويقدم "دوج هودجز" "Doug Hodges" مفهومًا أخرًا تم تبنيه المكتبة الوطنية الكندية، ويعتبر فيه الرقمنة عملية أو إجراء لتحويل المحتوى الفكري المتاح على وسيط تخزين فيزيائي تقليدي، مثل (مقالات الدوريات، والكتب، والمخطوطات، والخرائط....) إلى شكل رقمي.
ويمكن استخلاص أن المفاهيم السابقة تتشارك في أن عملية الرقمنة لا تعني فقط الحصول على مجموعات من النصوص الإلكترونية وإدارتها، ولكن تتعلق في الأساس بتحويل مصدر المعلومات المتاح في شكل ورقي أو على وسيط تخزين تقليدي إلى شكل إلكتروني، وبالتالي يصبح النص التقليدي نصًا مرقمنًا يمكن الاطلاع عليه من خلال تقنيات الحاسبات الآلية.
وبعد هذا العرض لأهم مفاهيم الرقمنة، من الضروري التطرق إلى الأهمية المتعلقة بهذه العملية، والتعرف إلى مجموعة الأهداف المنشود تحقيقها من ورائها.

2. لماذا الرقمنة؟

السؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق: (لماذا تتجه مؤسسات المعلومات إلى رقمنة مجموعاتها من مصادر المعلومات؟). وتستند الإجابة عن مثل هذا الاستفسار، على ضرورة التعرف إلى أهمية عملية الرقمنة ثم الإحاطة بمجموعة الأهداف التي يمكن تحقيقها من ورائها.
وتعتبر الرقمنة مبادرة أصبحت لها قيمة متزايدة لمؤسسات المعلومات على اختلاف أنواعها، كما أنها تتمتع بأهمية كبيرة بين أوساط المكتبيين واختصاصيي المعلومات، حيث يستلزم تشييد مكتبة رقمية أن تكون محتوياتها من مصادر المعلومات متاحة في شكل إلكتروني، وهناك الكثير من المبادرات التي تدور حول مفهوم "الطريق السريع للمعلومات" والتي أعطت الدافع نحو تحويل الكثير من مصادر المعلومات من الشكل التقليدي إلى مجموعات متاحة على وسائط رقمية حديثة.
كما تتميز المجموعات الرقمية بسهولة الوصول إليها من جانب المستفيدين، وإمكانية مشاركتها بين عدة مستفيدين في الوقت نفسه، وبالتالي يمكن أن تستوعب الزيادة المتنامية في أعداد المستفيدين، وذلك بالمقارنة مع المجموعات التقليدية، ويتم ذلك من خلال نشر وإتاحة مجموعات النصوص على الخط المباشر عبر الشبكة العالمية أو الشبكة الداخلية للمكتبة أو مؤسسة المعلومات "Intranet".
وللتعرف إلى أهمية عملية الرقمنة، من المناسب الإشارة إلى أن رقمنة مصدر معلومات متاح على وسيط تخزين تقليدي، تزيد من إمكانية الاستفادة منه، من خلال تيسير عمليات الوصول والاطلاع عليه، حيث أصبح في الإمكان إجراء البحث أو الاستعلام داخل النصوص الكاملة لمصادر المعلومات، والاستعانة بمجموعات من الروابط الفائقة "Hypertext" والتي تحيل القارئ مباشرة إلى النصوص التي يبغي الاطلاع عليها، إلى جانب إحالته إلى المصادر الخارجية المرتبطة بموضوع بحثه.
وجدير بالذكر أن الرقمنة لا تستهدف فقط استبدال مقتنيات وخدمات المكتبات التقليدية بمجموعات وخدمات إلكترونية، فالهدف الرئيسي لها يكمن في تطوير وتحسين الاستفادة من مقتنيات المكتبات جنباً إلى جنب مع تطوير الخدمات المقدمة.
ويحدد "بيير إيف دوشومان" "Pierre Yves Duchemin" مجموعة الأهداف الأساسية المنشود تحقيقها من وراء الرقمنة، والتي يمكن تلخيصها في أنها تتيح الفرصة أمام:
·   حماية المجموعات الأصلية والنادرة: حيث تمثل الرقمنة وسيلة فاعلة لحفظ مصادر المعلومات النادرة والقيمة، أو تلك التي تكون حالتها المادية هشة وبالتالي لا يُسمح للمستفيدين بالاطلاع عليها، كما تعمل على تقليص أو إلغاء الاطلاع على المصادر الأصلية، وذلك لإتاحة نسخة بديلة في شكل إلكتروني في متناول المستفيدين.
·   التشارك في المصادر والمجموعات: تمثل إمكانية استخدام المصدر الرقمي من جانب عدة مستفيدين في الوقت نفسه، اتجاهًا ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار من أجل القضاء على مشكلة النسخ المحدودة من المجموعات التقليدية، والتي تحدد عدد المستفيدين الراغبين في الاطلاع على مصدر المعلومات في ضوء عدد النسخ المتاحة منه.
·   الاطلاع على النصوص: بالرغم من أن الاتصال الفيزيائي للمستفيد مع مصدر المعلومات التقليدي قد ينقطع مع عملية الرقمنة، إلا أن هذه العملية يمكن أن تتيح -في بعض الأحوال- قراءة أفضل من تلك التي يتيحها النص الأصلي، كما توفر بعض الإمكانيات والخدمات التي من شأنها تسهيل قراءة النص مثل إجراء تكبير النص وتصغيره "الزوم"، والانتقال السريع إلى أي جزئية من جزيئات النص من خلال منظومة الروابط الفائقة، إلى جانب إمكانية محاكاة وسيط الاطلاع الرقمي "الكتاب الرقمي" للكتاب التقليدي الورقي.
·   زيادة قيمة النصوص: يمكن أن تمثل الرقمنة فرصة الاستفادة القصوى من مصادر المعلومات القيمة أو النادرة، والتي يمكن أن تكون في بعض الأحوال غير منشورة على نطاق واسع. ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال إعادة إتاحة هذه المصادر سواء في شكل أقراص مليزرة "CD-ROM" أو أقراص مدمجة تفاعلية "Compact Disc Interactif" (CD-I)، أو إتاحتها من خلال الشبكة الداخلية للمكتبة "Intranet" أو الشبكة العالمية "Internet". وذلك في حال ما إذا كان الجمهور المستهدف يمثل قطاعًا عريضًا. ويعتمد أسلوب الإتاحة على السياسة العامة التي تتبعها مؤسسة المعلومات في هذا الشأن.
·   إتاحة المصادر عبر منظومة شبكات المعلومات: يمثل إتاحة وتبادل مصادر المعلومات عن بُعد إحدى السمات الأساسية التي تتميز بها المجموعات الرقمية، فقد يكون في وسع المكتبة إمداد أي مكتبة أخرى بنسخة إلكترونية من مصدر المعلومات عبر منظومة الشبكات، ويجب أن تتم هذه العملية بشكل متبادل بين المكتبات حتى يتمكن المستفيد من الاطلاع والمقارنة في موقع واحد على كل مصادر المعلومات المتاحة في عدة مكتبات أو مؤسسات المعلومات.
وفي الفقرات التالية يتم استعراض أساليب تبني استراتيجيات وسياسات الرقمنة في المكتبات ومؤسسات المعلومات، مع التعرض إلى المعوقات والإشكاليات الخاصة بها ومحاولة استشراف الحلول المقترحة.
3. استراتيجيات الرقمنة في المكتبات ومؤسسات المعلومات :

3/1. الرقمنة الداخلية أم الخارجية: الإشكاليات والحلول المقترحة :

لتحديد استراتيجية عامة للرقمنة، ينبغي على المكتبة أو مؤسسة المعلومات الراغبة في رقمنة مصادر معلوماتها أن تتخذ القرار ما إذا كانت عملية الرقمنة ستتم لديها داخل أماكن معدة مسبقاً ومجهزة للقيام بهذه المهمة، أو في الخارج بحيث تعهد إلى شركة متخصصة في رقمنة مصادر المعلومات للقيام بهذه المهمة خارج المكتبة.
ويرى كل من "O. Toche", "M. Huet", "C. Dessaux", "A. C. Rocher" أنه إذا لم تتوافر بالمكتبة الكفاءات البشرية المتخصصة في تقنية المعلومات وتطبيقاتها، أو تفتقر إلى الإمكانيات والخبرات اللازمة لمعالجة المجموعات المرغوب رقمنتها، ففي مثل هذه الحالات من المفضل اللجوء إلى جهة خارجية متخصصة في رقمنة مصادر المعلومات.
وتعتمد إشكالية الاختيار بين الرقمنة في داخل المكتبة أو خارجها على الاستراتيجية أو السياسة العامة التي يتم تبنيها، وكذلك على حجم الميزانية والمخصصات المالية للقيام بهذه العملية.
ويمكن الاختيار بين الرقمنة الداخلية أو الخارجية وفقاً لظروف ومقتضيات كل مكتبة أو مؤسسة معلومات على حدة، ويعتمد هذا الاختيار على مجموعة من العوامل والمقومات، منها:

1. حجم المخصصات المالية

وهي محددة من خلال أسعار التجهيزات المادية (مثل محطات العمل، والماسحات الضوئية على اختلاف أنواعها وفئاتها، وأجهزة الخادمات "Servers" المخصصة للحفظ والاختزان، وناسخ الأقراص المليزرة "CD/ROM"، أو ناسخ أسطوانات "DVD"، إلى غير ذلك)، إلى جانب البرمجيات المختلفة، ومنها برمجيات التعرف الضوئي على الحروفOCR "Optical Character Recognition"، وتطبيقات إنتاج المواد ذات الوسائط المتعددة (صوت، صورة، صور متحركة..)، ويعتمد اختيار مثل هذه التجهيزات على طبيعة المصادر التي يتم معالجتها.
وتجدر الإشارة إلى أن المبالغ المقدرة لهذه التجهيزات عادة ما تكون ضخمة نسبيًا، ولذلك عادة ما تلجأ المكتبات ومؤسسات المعلومات إلى الحصول على منح ومساعدات من أجل القيام بمشروعات الرقمنة.
2. توافر الهيئة العاملة المدربة:
يجب التعرف إلى قدرات وكفاءات الهيئة العاملة التي تأخذ على عاتقها مسئولية رقمنة مصادر المعلومات، والتأكد من قدرتها على السيطرة على مختلف التقنيات والأجهزة المتطورة، كما يجب قياس حجم فريق العمل من أجل ضمان استمرار الأعمال دون توقف، وذلك من خلال تحديد العدد الفعلي للعاملين على محطات العمل (الأجهزة)، مع الأخذ في الاعتبار فترات العطلات والإجازات الرسمية والغياب الطارئ والمحتمل عن العمل.
3. حجم العملية :
وهي تتحدد في ضوء حجم مجموعات مصادر المعلومات الخاضعة لعملية الرقمنة، والفترة الزمنية المخصصة للانتهاء من الأعمال، وبالتالي من الواجب تحديد حجم العمل اليومي المراد القيام به، وذلك في ضوء العدد الكلي لمصادر المعلومات، ومع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار طبيعة النصوص التي يتم معالجتها.
4. مقيدات التقنيات المرتبطة بطبيعة مصدر المعلومات :
إذا كانت عملية الرقمنة تستخدم تقنيات خاصة وفقاً لطبيعة مصدر المعلومات (مثل رقمنة المصغرات الفيلمية أو مصادر المعلومات النادرة، كالمخطوطات، وأوائل المطبوعات وتلك المحتوية على ألوان ذات جودة عالية) فمن الصعب الحصول داخل المكتبة على التقنيات والكفاءات المطلوبة للقيام بهذه المهمة، بالإضافة إلى عدم سهولة الوصول إلى المؤسسات التي تتضمن الكفاءات النادرة التي تتوافر لديها خبرات التعامل مع مثل هذه المجموعات، ولذلك يحتاج الأمر إلى دراسة دقيقة حتى يمكن القيام به.
5. نقل مجموعات النصوص :
من الصعب نقل بعض مصادر المعلومات من مكان إلى آخر، فقد تكون ذات قيمة عالية أو نادرة أو في حالة مادية متهالكة، وفي هذه الحالة من المفضل اختيار الرقمنة داخل المكتبة في أحد الأقسام التي يتم إعدادها خصيصاً لهذا الغرض. كما أنه توجد بعض شركات الرقمنة التي يمكن أن تنتقل لإنجاز العمل داخل المكتبة، عبر إنشاء وحدة رقمنة بها، ويمثل ذلك حلاً بديلاً يمكن أن يؤخذ في الاعتبار.
6. التقنيات والتجهيزات المادية المستخدمة:
من المناسب الوقوف عند الإمكانات المادية المستخدمة من جانب مختلف الجهات العاملة في مجال الرقمنة، فعلى سبيل المثال في حالة رقمنة مصادر المعلومات المجلدة من الضروري التعرف إلى أنواع وفئات الماسحات الضوئية المستخدمة، فهل هي ماسحات مكتبية أو متخصصة في معالجة الكتب ومصادر المعلومات المجلدة، وكذلك ينبغي معرفة أن درجات جودة ووضوح النص المرقمن ليست واحدة، فهي تختلف تبعاً للأجهزة والتقنيات المستخدمة.
7. خبرات المؤسسة (التجارب السابقة):
ويقصد بها ضرورة الاتصال بالمكتبات ومؤسسات المعلومات التي استعانت من قبل بالجهة الخارجية التي لجأت إليها المكتبة لرقمنة مصادرها، حيث إن من الواجب التحقق من الخبرات والتجارب السابقة لهذه الجهة، من خلال الاتصال المباشر بالمكتبات التي تعاملت معها، وذلك بهدف التعرف إلى طبيعة المجموعات التي قاموا برقمنتها، ومدى الرضا عن العمل الذي تم إنجازه، ومجموعات الأهداف التي رغبت هذه المكتبات في تحقيقها مع مقارنتها بالأهداف الخاصة بالمشروع الذي ترغب المكتبة في القيام به، ويمكن كذلك التعرض إلى المسائل الخاصة بالفترة الزمنية التي تم فيها إنجاز العمل، وعناصر وإجراءات الأمان التي تم تطبيقها عند نقل مصادر المعلومات إلى أماكن رقمنتها داخل المؤسسة الخارجية، ومدى احترام التعامل مع المصادر الأصلية، ومعايير تأمين الأماكن المخصصة لتنفيذ العمل، ومستوى التجهيزات داخل المؤسسة، ومدى جودة عرض الوسائط الرقمية التي تمثل نتاج عملية الرقمنة؛ إلى غير ذلك من الاستفسارات الواجب التعرف إليها قبل التعاقد مع الجهة الخارجية التي وقع الاختيار عليها للقيام بمشروع الرقمنة.
8. المسافة:
هناك من يأخذ في الاعتبار عامل المسافة الفاصلة بين أماكن ورش عمل الجهة الخارجية القائمة على الرقمنة وبين أماكن تواجد مصادر المعلومات داخل المكتبة. وفي الحقيقة، يرى بعضهم أنه لا يمكن اعتبار المسافة عاملاً أساسيًا في حال ما إذا كانت الرقمنة تتم في أماكن خارجية، إذ فور خروج المجموعات من المكتبة يجب خضوعها إلى مجموعة من الشروط والضوابط لضمان نقلها دون أية خسائر بصرف النظر عن المسافة التي يتم قطعها للوصول إلى الأماكن المخصصة للعمل.
ومع ذلك نرى أن من المناسب الاستعانة بمؤسسة تتوافر فيها معايير الاختيار كافة وتقع بالقرب من المكتبة، حتى يتسنى للشخص المسئول عن متابعة سير العمل الانتقال بشكل سريع إلى أماكن العمل للتعرف إليها وعلى الأجهزة والإمكانيات المادية المتاحة، وعوامل الأمان التي يتم تطبيقها.
9. التكاليف :
يعتبر عامل السعر المعطى أثناء عملية المناقصة لمشروع الرقمنة - بدون أدنى شك - من العوامل الأساسية لاختيار المؤسسة الخارجية التي سيعهد إليها القيام بالعمل، ولكن يجب تحليل ودراسة هذا العامل في ضوء مستوى خبرات المؤسسات التي تعرض تنفيذ المشروع.
10. التحكم في مستوى جودة مصادر المعلومات المرقمنة خارج المكتبة:
مع بداية استلام الوسائط المختزن عليها مصادر المعلومات المرقمنة، يجب على المكتبة إجراء التحكم بمستوى الجودة، والتحقق من أن جميع مصادر المعلومات قد تمت رقمنتها ومسحها ضوئياً، والتأكد من أن المعايير كافة مطابقة تماماً لما تم طلبه من جانب المكتبة، وبناء عليه من الضروري توفير الوقت اللازم لإجراء مثل هذا التحكم، حيث يمكن أن يكشف عن وجود أخطاء ينبغي على الجهة القائمة بالعمل تصحيحها وتلافيها وذلك قبل إعطائها كل المستحقات المتبقية على المكتبة. 

إشكاليات استراتيجيات الرقمنة:
على الرغم من أهمية عملية الرقمنة والمميزات التي تمنحها، عادة ما تصطدم بكثير من التحديات سواء كانت تحديات مالية خاصة بالميزانية والاعتمادات المخصصة، أو بالمسائل الفنية المتعلقة بتبني أفضل المقاييس وأشكال ملفات مصادر المعلومات الناتجة عن الرقمنة، أو القضايا المرتبطة بالبنية التقنية لمشروع الرقمنة، والاتفاقيات الخاصة بتخطي الإشكاليات المرتبطة بحقوق المؤلفين والناشرين.
وتعتبر هذه التحديات جوهرية ولها تأثيرها المباشر في إعداد سياسة رقمنة مصادر المعلومات، وتبني معايير اختيار مصادر المعلومات التي يتم رقمنتها وأساليب حفظها واختزانها. وبناء عليه نستعرض في الفقرات التالية أبرز هذه الإشكاليات.
3/2/1. إشكاليات حقوق الملكية الفكرية:
ترتبط هذه الإشكالية بالمسائل المتعلقة بحماية حقوق الناشرين والحقوق الفكرية للمؤلفين، وحتى يمكن أن تتفادى المكتبات الدخول في منازعات قضائية لجأت في البداية إلى قصر عمليات الرقمنة على مصادر المعلومات التي لا تخضع لحقوق المؤلفين والناشرين وهي عامة تمثل مجموعات المصادر المتعلقة بالتراث الثقافي والقومي.
ونتناول على سبيل المثال نموذج المكتبة الوطنية الكندية والتي هدفت منذ البداية إلى إتاحة مجموعاتها الرقمية عبر بواباتها على الشبكة العنكبوتية العالمية "الويب"، ولذلك كان من الضروري التفكير في الحقوق المتعلقة بإتاحة وعرض مصادر المعلومات للجمهور العام، وعدد المستفيدين الذين يمكنهم الاطلاع على مصادر المعلومات، وتحديد مستوى جودة النصوص المرغوب في استعراضها من خلال منظومة الشبكات. وفيما يرتبط بالمكتبة الوطنية الفرنسية، من الضروري الإشارة إلى أن مجموعة التشريعات والسياسات التي تبنتها هذه المكتبة فيما يتعلق بحقوق الناشرين كانت أقل مرونة من تلك المطبقة في المكتبة الوطنية الكندية.
3/2/2. إشكاليات مادية:
تؤدي الإمكانات المادية دوراً بارزاً في تبني استراتيجية عامة للرقمنة، حيث تفرض بعض الشروط والمقيدات الواجب أخذها في الاعتبار، خاصة فيما يرتبط بالإمكانات المادية والتجهيزات التقنية والفنية والبرمجيات المراد الحصول عليها.
وفيما يتعلق بتجربة المكتبة الوطنية الفرنسية، يشار إلى أن برنامج رقمنة مصادر معلوماتها تم تحت إشراف "الهيئة العامة للمكتبة الفرنسية""Etablissement Public de la Bibliothèque de France" "EPBF"، وهي الهيئة المسئولة عن إدارة وتطوير المكتبة الوطنية الفرنسية، والتي توافر لديها في عام 1994م اعتماد مالي بلغ 70 مليون فرنك فرنسي، إلى جانب التمويل الذي وفرته الحكومة الفرنسية من خلال مجموعة من القروض.
وفيما يتعلق بالمكتبة الوطنية الكندية، فعند القيام بمشروع رقمنة مصادر معلوماتها، كانت تتمتع بقدر كبير من المرونة في اتخاذ القرارات، ولكن في المقابل تعتبر المخصصات المالية محدودة مقارنة بنظيرتها الفرنسية، حيث بلغت ما يقرب من 7 مليون فرنك، إلى جانب فترة زمنية تعتبر قصيرة للقيام بالعمل، الأمر الذي أجبر الهيئة العاملة في المشروع على خفض الوقت المخصص لتبني سياسة اختيار مصادر المعلومات التي ستخضع لعملية الرقمنة.
ويمكن التحقق بعد هذا العرض المبسط من أن العامل المادي يعتبر من العوامل الجوهرية الواجب أخذها في الاعتبار والنظر إليه بعين فاحصة أثناء إعداد استراتيجية وسياسة لعملية الرقمنة.
3/2/3. إشكاليات تقنية وفنية:
ترتبط التحديات التقنية - في المقام الأول - بالتجهيزات المادية والبرمجيات وجميع المكونات التي لا غنى عنها من أجل تنظيم مصادر المعلومات الإلكترونية وحفظها واسترجاعها. وتتمثل الإشكالية الرئيسة في قضية التقادم السريع لتقنيات المعلومات، حيث إنها تتطور بشكل سريع ودون توقف، الأمر الذي تكتنفه صعوبة الاطلاع على المعلومات المسجلة على وسائط تخزين متقادمة. فعلى سبيل المثال، لا تحتوي غالبية الحاسبات الآلية من الجيل الحديث على مشغل للأقراص المرنة، نظراً لضعف الطاقة التخزينية للأقراص المرنة وتعرضها للتلف السريع، وبالرغم من ذلك فإن التقنيات الحديثة لن تتوافر لها القدرة على عرض مصادر المعلومات المختزنة داخل مثل هذه الوسائط.
وبالنسبة للمكتبة الوطنية الفرنسية، وفي المرحلة التي انطلقت فيها الخطوات الأولى للمسح الضوئي للحروف، ونتيجة التقنيات غير المتطورة المستخدمة في بدايات المشروع، فقد نتج عن ذلك نسبة أخطاء مرتفعة عند المسح الضوئي، خاصة فيما يتعلق بالتعرف الضوئي على الحروف القديمة، الأمر الذي دفع المكتبة إلى تحمل تكلفة إضافية لمراجعة وإصلاح هذه الأخطاء يدويًا، بالإضافة إلى تبني رقمنة النصوص في شكل صور، والذي يبدو شكلاً اقتصاديًا وأسرع في الأداء في تلك المرحلة من مشروع الرقمنة.
ويؤكد "تيري كاني" "Terry Kuny" بأنه قد تم تخطي كثير من التحديات والمعوقات التقنية المتعلقة برقمنة مصادر المعلومات المتاحة على وسائط تخزين ورقية، ولكن في المقابل ما زالت هناك بعض الإشكاليات التي تقف أمام رقمنة مصادر المعلومات المتوفرة من خلال وسائط تخزين أخرى، منها المصغرات الفيلمية "Microforms" على سبيل المثال.
وتجدر الإشارة إلى أن التقنيات المتخصصة في رقمنة مجموعات المكتبات ومؤسسات المعلومات ما زالت حديثة الإنشاء نسبياً، كما تمثل الكثير من التجهيزات المادية والتطبيقات منتجات من الجيل الأول، وبالتالي فهي ليست متطورة بالشكل الكافي. وفي جميع الأحيان، ما زال الاسترجاع الفعال للمعلومات الناتجة عن عملية الرقمنة يمثل تحديًا كبيرًا، حيث يعتمد على مدى الكفاءة في الوصول إلى مصادر معلومات محددة ومكشفة على مستوى عالٍ، ولكن هذا الأمر ينطوي على الكثير من المعوقات، من بينها:
·       المصطلحات المستخدمة في التكشيف قد تكون غير ملائمة
·       صعوبات متعلقة بتحديث الكشافات .
·       التكشيف بأسلوب غير مناسب أو غير دقيق .
·   معوقات مرتبطة بإعادة تكشيف مجموعات كبيرة من مصادر المعلومات والتي يمكن أن يطرأ عليها تغييرات مع مرور الوقت.
ويمكن أن تتطلب الكشافات المستخدمة في تسهيل عمليات الوصول إلى مصادر المعلومات تكلفة إضافية لنظام المعلومات المستخدم.
وفيما يتعلق بمسألة الوصول إلى مصادر المعلومات الرقمية من منظور التقنيات المستخدمة، نجد أن اختيار تقنيات الرقمنة وأسلوب عرض المعلومات يعتمد في الأساس على الجمهور المستهدف، إلى جانب الطريقة أو المنهج المتبع في استخدام المصادر المرقمنة؛ فعلى سبيل المثال، عن طريق تحديد الاستخدام المستهدف يمكن تحديد مستوى جودة النصوص أثناء عملية الرقمنة، كما أن من الضروري الاستعانة بالتقنيات والأجهزة المناسبة في حالة الرغبة في الوصول السريع والفعال إلى مجموعات النصوص كما هو الحال في الأرشيفات الإلكترونية وقواعد البيانات المهيكلة. ومن ناحية أخرى يمثل موقع المستفيد نفسه عاملاً أساسيًا في اختيار التقنيات التي يتم الاستعانة بها، حيث إن مستخدمي الشبكة العالمية "Internet" الذين ليس لديهم اتصال فائق السرعة لن يتمكنوا بسهولة من الاطلاع وعرض مجموعات الصور المرقمنة بجودة عالية، ولكن في المقابل يمكنهم الاطلاع على المجموعات النصية والانتقال بينها من خلال منظومة الروابط الفائقة.
وبعد إبراز أهم المعوقات والتحديات المتعلقة بعملية الرقمنة، يمكن التحقق بأن هذه الإشكاليات تمثل تحديًا حقيقيًا يجب تخطيه أثناء مرحلة الإعداد والتجهيز لسياسة الرقمنة، وخاصة قبل تطبيق مشروع الرقمنة، وبالتالي من المناسب في الفقرات التالية التعرض للسياسات والاستراتيجيات الخاصة بعملية الرقمنة التي تم تبنيها من جانب كبريات المكتبات الوطنية.

المستودعات الرقمية

المستودعات الرقمية

. نشأةالمستودعاتالرقميةالمفتوحة

ظهرت المستودعات الرقمية المفتوحة والدوريات المجانبة جنبا إلى جنب كآليتين لحركة الوصول الحر للمعلومات Open AccessMovement، والتي نشطت في بداية الأمر كاجتهادات وممارسات فردية من قبل الباحثين الذين تنبهوا للمخاطر والتحديات التي تواجه البحث والاتصال العلمي، والتي تمثلت في الزيادة المطردة لأسعار الدوريات العلمية فى جميع المجالات، وعجز ميزانيات المكتبات البحثية على ملاحقتها، مما أدى إلى تراجع البحث العلمي وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا والطب، ويشار إليهم اختصارا بمجموعة الـ(STM).
وقد بدأت الممارسات العملية لإتاحة الإنتاج الفكري العلمي دون قيود مادية بالمستودعات الرقمية المفتوحة منذ أكثر من عشر سنوات بشكل اجتهادي وفردي من قبل الباحثين. هذا قبل تحرك المؤسسات والمنظمات المعنية بالبحث العلمي وإعلان المبادرات والسياسات، التى تقنن حركة الوصول الحر للمعلومات عام 2002، فمع تنامي شبكة الإنترنت عام 1990 ظهر اتجاه نحو إتاحة المواد العلمية دون مقابل متمثلا فى بضع مئات من الدوريات العلمية المجانية المحكمة، والعديد من أرشيفات مسودات المقالات e-print archivesكما كان يطلق عليها آنذاك(
ويذكر وحيد قدورة أن عملية وضع بحوث ما قبل النشر فى خزانات إلكترونية حديثة العهد، إلا أن مبدأ تبادل مخطوطات بين الباحثين قديم يعود إلى عدة عقود، فقد كانوا يتشاورون ويتلقون الملاحظات ويراجعون مخطوطاتهم على نطاق ضيق قبل إيصالها إلى القراء على نطاق واسع عبر الدوريات والكتب، ومن ثم يمكن القول بأن الأرشيفات المفتوحة  ما هى إلا امتداد لتقاليد مجتمع الباحثين أعطتها التكنولوجيا بعدًا عالميًا، وحولت الأرشيف المفتوح من اتصال غير نظامي إلى اتصال نظامي عبر الإنترنت متاح للجميع ويسهل الوصول إليه(
ويعد مستودع ARXIVالمتخصص فى مجال الفيزياء أول وأشهر مستودع موضوعي فى العالم، والذي توفر على إنشائه الفيزيائي «بول جينزبرجPaul Ginsparg» كموقع لتبادل الرأي حول مسودات المقالات عام 1991 بمعمل ألموس القوميAlamos national laboratory، يليه مستودع cog-printللعلوم المعرفية واللغات والفلسفة الذي أنشئ على يد العالم «ستيفن هارند Steven Harnd» أستاذ العلوم المعرفية وأحد رواد حركة الوصول الحر للمعلومات، وهو ما أطلق عليه فى ذلك الوقت مسمى «الاقتراح أو المخطط المدمر Subversive Proposal» عام 1995، والذي دعي فيه الباحثين إلى الحفظ الذاتي وإيداع بحوثهم Depositingوإتاحتها على شبكة الإنترنت لاتساع رقعة المعرفة، ومواجهة تزايد أسعار الاشتراك بالدوريات العلمية التي تحول دون الاستفادة من المشاركة العلمية.
وقد أثرى ذلك الاقتراح وقتها مناقشات مكثفة أدت إلى أحداث إيجابية متتالية أسفرت عن حركة الوصول الحر للمعلومات)، ثم توالى بعد ذلك ظهور المستودعات الموضوعية فى العديد من المجالات، مثل مستودع RePECفى مجال الاقتصاد، ومستودع NCSTRLفى علوم الحاسب الآلي. ويوضح الجدول رقم (2)أقدم وأشهر المستودعات الموضوعية على مستوى العالم().
ومما يجدر ذكره أنه فيما يتصل بمجال المكتبات وعلم المعلومات فقد كانت بداية ظهور المستودعات الموضوعية فيه مواكبًا لإعلان المبادرات والإعلانات عام 2000، ومن أوائل وأشهر هذه المستودعات على المستوى الدولي، مستودع DLISTالذي يطور من قبل جامعة أريزونا Arizona University، ومستودع E-LISوكلاهما يعتمد على المشاركة التطوعية، ويكفلالحفظ طويل المدىLong –Term preservation  للوثائق الفنية والعلمية المنشورة وغير المنشورة فى مجال المكتبات والمعلومات والمجالات ذات الصلة كمجال تكنولوجيا المعلومات والحاسب الآلي والتعليم.
ويتضح مما سبق أن المستودعات الموضوعية كان لها قصب السبق ومهدت لظهور المستودعات المؤسسية فى عام 2002()-العام الذي تبلورت وتشكلت فيه فلسفة الوصول الحر، وحددت آلياته بإعلان مبادرة بودابست والتي سرعان ما تشعبت وقويت جذورها فى المجتمعات العلمية والطبية،والتي تزايدت بشكل كبير منذ عام 2006 نظرًا للتطورات والاهتمام الذي ينصب عليها.
ويؤكد على ذلك كل من Alma SwanوLeslie Carrفيذكرا «أن معدل تزايد عدد المستودعات المؤسسية وصل إلى ظهور مستودع كل يوم على مستوى العالم، بل أصبح من غير المحتمل وجود مؤسسة بحثية جادة لا تملك مستودعا رقميا فى نهاية هذا العقد»، مما  أدى إلى توجه العديد من البرامج الاستثمارية الضخمة فى بعض الدول لتأسيس وإنشاء شبكة بين هذه المستودعات لتسهيل التواصل العلمي بينهم، وزيادة إنتاجية المجتمع البحثي().
ورغم هذه المزايا التي توفرها آليات الوصول الحر للمعلومات للباحثين العرب وللنتاج الفكري العربي نجد أن اتجاه العالم العربي نحو اتخاذ التدابير اللازمة لتأسيس المستودعات الرقمية المفتوحة بصفة خاصة يتسم بالفردية والبطء الشديدين رغم توافر نظم وبرامج إنشائها بالمجان، فوفقا لدليل المستودعات الرقمية المفتوحة الأوبن دوار OpenDOARيبلغ عدد المستودعات العربية عشرة مستودعات رقمية مفتوحة فى ثلاث دول عربية هى: جمهورية مصر العربية والتي تستأثر بستة مستودعات مؤسسية وموضوعية لا يعمل منها مستودع الجامعة البريطانية، والسعودية ويمثلها ثلاث مستودعات، بينما يمثل قطر مستودع واحد فقط، كما يبين جدول رقم 7، وقد كانت بداية تأسيس تلك المستودعات فى الفترة ما بين 2008-  2010

. التعريف والأنواع

1/3/1.التعريف

تعددت المصطلحات والمفاهيم المرادفة أو المميزة لخصائص بعينها لمفهوم المستودعات المفتوحة Repository Open accessفى بداية الأمر قبل اعتماده وانتشاره كمفهوم ومصطلح متفق عليه من المختصين، ففي أوائل التسعينيات كانت بداية المسمى الذي أطلق على المستودعات الرقمية المفتوحة هو مصطلح أرشيف Archive، وقد اتضح ذلك في مسمى أول مستودع تم إنشائه هو مستودع Arxiv archive، وكذلك مبادرة الأرشيف المفتوح Open Archive Intuitive.
ثم ظهر على الساحة مصطلح E-print archiveللإشارة إلى المستودعات التي تتضمن كل من مسودات المقالات Pre-Print، والمقالات المنشورة Post-Printوهو ما يعكس أن بداية الاهتمام كانت تنصب على المقالات بحالات  Statusالنشر المختلفة.
وقد تأرجح الإنتاج الفكري فى الموضوع حتى أوائل عام 2000 ما بين استخدام هذه المصطلحات الثلاثة أو الجمع بين اثنين منها، ثم ما لبث الأمر أن استقر على مصطلح Repositoryمن خلال المبادرات والمشروعات والإنتاج الفكري، كمصطلح يعبر عن أهداف ما ترمى إليه وتؤديه المستودعات الرقمية المفتوحة، وهو ما يراه كل من «جيسيلى هيى وبولينى سيمبسون Jesile M.N Heyو Pauline Simpson» لأن مصطلح أرشيف يعنى ضمنيا حفظ المجموعات الرقمية دون إمكانية الاطلاع Visibilityوهو ما يعنيه ويشمله مصطلح مستودع الذي أصبح يستخدم فى الوقت الحاضر().
وقد حصرت الباحثة ما يقرب من 25 دراسة تتعرض لتعريف المستودعات الرقمية، وأغلب هذه الدراسات كانت فى الفترة ما بين عامي 2003-2004.
ويلاحظ أن هذه الدراسات كانت في أعقاب إعلان المبادرات والبيانات والإعلانات والسياسات الدولية التي تنادى وتحاول التعريف بالوصول الحر للمعلومات وآلياته، وأغلب هذه الدراسات تتناول المستودعات المؤسسية بالتوضيح والتعريف لاعتبارين هما:
·        أن الصفة المؤسسية للجهة الراعية للمستودع سواء كانت جامعة أو مركز أو معمل بحثي  يتعهد ويكفل له الحفظ طويل المدى للموادLong –Term preservation   للمواد العلمية، وهى أحد الخصائص الجوهرية للمستودعات الرقمية المفتوحة.
·        تمتع هذه المؤسسات بالآليات والإجراءات التي قد تكفل إلزام الباحثين بإيداع بحوثهم، وهو ما ترمى إليه حركة الوصول الحر للمعلومات بأن يكون هذا الاتجاه شيئا أساسيا وروتينيا يحول دون اندثارها أو تذبذبها، وفيما يأتي نستعرض أهم هذه التعريفات:
 
يرى كل من Chaitalia Duttaو BK Senو Anup Kumar Dasأن المستودعات المؤسسية هى أحد المفاهيم المعاصرة التي أصبحت تنمو بشكل متزايد فى المؤسسات البحثية ومؤسسات التعليم العالي، تخزن بحوث المؤسسات البحثية للمستفيدين وتتيحها، ومن ثم فإنها نوع من قواعد البيانات لمصادر المعلومات المتاحة عبر شبكة الإنترنت والشبكات المحلية).
ويتفق Sheau-Hwang Changمع التعريف السابقفيرى أيضا أن المستودعات المؤسسية مفهوم جديد يعنى بجمع المواد العلمية الرقمية وإدارتها وبثها واختزانها، للأكاديميين والطلاب فى الجامعات والكليات، من خلال التنظيم والإتاحة والتوزيع والحفظ().
وكذلك نجد تعريف Clifford A. Lynchفى التقرير الصادر عن جمعية المكتبات البحثية فى فبراير 2003، وهو من أهم التعريفات التي تتواتر بكثرة في أدبيات الموضوع، الذى يرى فيه أن المستودع المؤسسي التابع لجامعة University –Based institutional repository"هو مجموعه من الخدمات التي تقدمها الجامعة لأعضائها لإدارة وبث المواد الرقمية المنشأة من قبل الجامعة والعاملين المنتسبين إليها).
ويلاحظ على هذه التعريفات السابقة أنها ركزت على الخدمات التي تقدم من أجل إتاحة المواد الرقمية، وإن لم تحدد ماهية المواد وما إذا كانت تشمل المواد البحثية والإدارية أم المواد البحثية فقط.
وفى تعريف آخر لـ Stephen Penfieldوهو أحد الرواد الأوائل المتحمسين لحركة الوصول الحر للمعلومات - يرى أن المستودعات المؤسسية هي أرشيفات على الخط المباشر تؤسس وتدار من قبل المؤسسات والمعاهد البحثية، وتحتوى على المقالات المنشورة من قبل الباحثين العاملين بهذه المؤسسات البحثية. كما عرف المستودعات الرقمية بشكل عام بأنها قواعدبيانات متاحة على شبكة الإنترنت، تتيح النص الكامل للمواد بالمجان دون قيود فى الوصول والإتاحة).
ويري Richard K. Johnsonأن المستودع الرقمي المؤسسي هو بمثابة أرشيف رقمي للنتاج الفكري الخاص بالأكاديميين والباحثين والطلاب المنتسبين للمؤسسة، وإتاحته للمستفيدين سواء داخل المؤسسة أو خارجها بحد أدنى من القيود التي تحول دون الإتاحة([
أما John Paul Anbukفيقدم تعريفا شاملا للمستودعات المؤسسية على أنها بشكل عام«مجموعة من المواد الرقمية التى تستضيفها وتمتلكها مؤسسة ما. وبعبارة أدق، هى أرشيفات رقمية للإنتاج الفكري للأعضاء المنتسبين للمؤسسة من الأكاديميين والدارسين والباحثين والطلاب متاحة للمستفيدين سواء داخل المؤسسة أو خارجها، وتعد الوظيفة الأساسية للمستودع المؤسسي هى استقطاب Captureالبحوث وجميع أنواع الإنتاج الفكري الأخرى التي تصدر عن المؤسسة واختزانها، لحفظ الحياة الفكرية وبثها على أساس طويل المدى»().
ويلاحظ أن التعريفين السابقين أكدا على أن الإتاحة لا تقتصر على الأعضاء المنتسبين للمؤسسة، وإن كان هناك إجماع على أن إيداع المواد والمصادر الرقمية يقتصر على الأعضاء المنتسبين للمؤسسة التى يتبعها المستودع.
بينما قدم ليسلي شان Lesile Chanتعريفًا مفصلا يرى فيه أن التعريف الشائع للمستودع المؤسسي هو أنه «أرشيف مبنى على الويب للأعضاء المنتسبين لمؤسسة بعينها، ووفقا لذلك فإن سياسة الاختيار والحفظ لمحتوى المستودع تحدد بواسطة المؤسسة، بينما تحدد سياسات الإيداع من خلال المجتمع البحثي، وأنه غالبًا ما تطور هذه السياسات من خلال التنسيق دون كثير من إعادة التخطيط، ومن عناصر الجودة الإضافية للمستودع أن يتسم بإمكانية الوصول إليه، ولديه القدرة على العمل مع مختلف النظم، ويفضل إمكانية توافقه مع بروتوكول  مباردة الأرشيف المفتوح لجمع الميتاداتا، كما يعتمد الحفظ طويل المدى للمواد(
كما قدم كل من «بول هنتينجدون وداف نيكولاس ولان رولاندس Lan RowlandsوDave NicholasوPaul Huntingdon» تعريفًا للمستودع المؤسسي من خلال دراستهم المسحية الدولية حول اتجاهات وآراء المؤلفين فى الوصول الحر وآلياته على فقالا بأنه«مجموعة من المواد العلمية فى شكل رقمي، وتدار على مستوى مؤسسي من خلال مؤسسات المجتمع البحثي كالجامعات، ويودع الباحثون فيها موادهم وفقًا لحق النشر، مع تقديم المؤسسة مقومات البنية الأساسية لتنظيم هذه الموادوأرشفتها وبثها»().
أما رايم جرو Raym Growكبير مستشاري الاتحاد الأمريكي للنشر العلمي والمصادر الأكاديمية SPARCفيقدم ملمحًا آخر حول المستودعات المؤسسية ويرى أنها نموذجًا جديدًا غير تجميعي أو لا يتصف بالصفة التجميعية للبحوث Disaggregated Modelعلى عكس نظام الدوريات التجميعي للبحوث والمقالاتكما قدم تفاصيل أخرى من خلال قائمة المراجعة التى أعدها لتقييم المستودعات المؤسسية وهى أنها تحصل على النتاج الفكري للمواد الرقمية وحفظها سواء لجامعة أو عدة جامعات أو مؤسسات).
كما قدم دليل المكتبات البحثية الكندية للمستودعات المؤسسية تعريفًا مبسط للمستودعات بأنها «أرشيف رقمي يحفظ المعرفة الأكاديمية للمؤسسة ويتيحها لأي شخص يمكنه الاتصال بالإنترنت»).
وفي تعريف بوابة كوين Queenالتابعة لجامعة كوين Queen Universityللمستودع المؤسسي وصفته بأنه «مجموعة من المواد الرقمية من النتاج العلمي الأكاديمي للجامعة، وهى جزء من النظام العالمي الكبير للمستودعات التى تُكشف بطريقة معيارية، ويمكن البحث فيها باستخدام واجهة واحدة، وتقدم الأساس لنموذج جديد من النشر العلمي. وتفيد هذه المستودعات الأكاديميين والدارسين والمؤسسات بإتاحة المواد فى الوقت نفسه وبثها على نطاق واسع، وتزيد من مرات الاستخدام والاطلاع للبحوث العلمية التى ترقى وتنهض بالمؤسسة»).
وبالإضافة للتعريفات السابقة التى وضحت الخدمات التي تقدمها المستودعات للباحثين لإتاحة المواد والمصادر العلمية، والأعضاء الذين لهم الحق فى الإيداع والإتاحة - فقد ورد عدد من التعريفات التي ركزت على أنواع المواد والمصادر من الإنتاج الفكري العلمي نذكر منها:
يرى «سيمون وارنر Simeon Warner» أن المستودعات بشكل عام - ويطلق عليه مسمى e-print archives- هي أرشيفات تتيح مجموعة متعددة من الإنتاج الفكري العالمي على الخط المباشر، ويمكن أن تتضمن مقالات الدوريات ومسودات المقالات والتقارير الفنية والكتب والرسائل العلمية ويمكن تكون محكمة أو غير محكمة(.
أما Bialeyفيشير إلى أن المستودعات المؤسسية هى التى تتضمن مختلف أنواع مواد الإنتاج الفكري للعاملين بالمؤسسة كمسودات المقالات والمقالات المنشورة والتقارير والرسائل الجامعية ومجموعات البيانات والمواد التعليمية، كما يعرف المستودعات الموضوعية بأنها أرشيفات موضوعية Disciplinary archiveوتقدم الإتاحة للمقالات ومن المحتمل مواد أخرى فى مجال واحد أو عدة مجالات علمية لباحثين من جميع المعاهد البحثية
بينما قدم Soo Yaungوباحثون آخرون فى دراستهم المسحية للمستودعات المؤسسية بالولايات المتحدة تفصيلا حول طبيعة المواد والمصادر التى يمكن تتضمنها فيرى أن المستودعات المؤسسية تتضمن مزيجًا من المصادر الأولية والثانوية ومصادر الدرجة الثالثة كالموسوعات والكتب السنوية والببليوجرافيات).
كما يرى «مارك وير Mark Ware» أن تباين التعريفات حول المستودعات الرقمية المؤسسية IRيعود لاختلاف الرؤية للأدوار المختلفة المنوطة بهذه المستودعات، وعلاقتها بالنشر العلمي الأكاديمي، لكن ثمة اتفاق على أن تعريف المستودعات المؤسسية كالآتي):
·        قواعد بيانات مبنية على الويب للمواد العلمية الأكاديمية.
·        تتصف بالتراكمية والاستمرارية.
·        تتخذ طابعًا مؤسسيًا.
·        مفتوحة وفقا للتشغيل البيني Interoperableباستخدام بروتوكول جمع الميتاداتا.
·        تؤدي عمليات الجمع والاختزان والنشر، وتعد جزءا من عمليات الاتصال العلمي الأكاديمي.
·        تعتمد الحفظ طويل المدى Long-Term Preservationوالذي يعد من أهم الأدوار المنوطة بالمستودعات.
أما  «بيتر مورجان Peter Morgan» فيرى أن المستودعات سواء كانت مؤسسية أو موضوعية هي مستودعات وصول حر تشترك كلاهما فى ملامح أساسية هي: استقطاب مواد المحتوى الرقمي للأغراض العلمية والمهنية وبثها وحفظها، وكلاهما يتسم بالتراكمية والاستمرارية والحماية، ويتوافق معياريا مع مختلف الأنظمة، ويمكن البحث فيهما من قبل محركات البحث، ويقبلا مختلف أشكال الملفات، وكل ملف لديه معرف دائمpersistent identifier).
أما قاموس المكتبات والمعلومات المتاح على شبكة الإنترنت (أودليس) ODLIS- Online Dictionary Library and Information science  فقد أورد مصطلحين هما Institutional RepositoryوRepositoryوعرفهما تعريفًا واحدًا مؤداه أن "المستودع مجموعة من الخدمات التى تقدمها الجامعة أو مجموعة من الجامعات للأعضاء المنتسبين إليها لإدارة المواد العلمية الرقمية المنشأة من قبل المؤسسة وأعضائها وبثها، وتلك المواد مثل: الأوراق العلمية والتقارير الفنية ورسائل الماجستير والدكتوراه ومجموعات البيانات ومواد التدريس. وتقع مسئولية الإشراف على  هذه المواد على منظماتهم  في العمل على تراكمها، وإتاحتها دون قيود من خلال قاعدة بيانات إلى جانب التعهد بالحفظ طويل المدى لها عندما يكون ذلك ملائما، كما أن بعض المستودعات المؤسسية تستخدم كمؤسسة نشر إلكترونية لنشر الدوريات والكتب الإلكترونية. ولا تتميز المستودعات المؤسسية عن المستودعات الموضوعية فيما عدا أنها تتبع مؤسسة محددة النطاق. وتعد المستودعات المؤسسية جزءًا من جهود متنامية لإعادة تشكيل الاتصال العلمي الأكاديمي، والتصدي لاحتكار الناشرين للدوريات العلمية من خلال التأكيد على السيطرة المؤسسية على نتائج المنح الأكاديمية، ومن ثم فإن المستودعات المؤسسية قد تكون مؤشرا لأنشطة الجامعة البحثية).
وبناءً على عرضنا للتعريفات السابقة يتضح أن المستودعات الرقمية المفتوحة - سواء المؤسسية منها أو الموضوعية - المتاحة على شبكة الإنترنت عبارة عن:
§        أحد أنواع قواعد البيانات المتاحة على الويب.
§        تتيح النص الكامل لأنواع متعددة من الإنتاج الفكري العلمي وبمختلف الأشكال من المواد الرقمية.
§        نموذج غير تجميعي للمقالات والبحوث.
§        تقبل مسودات المقالات غير المحكمة والمحكمة وتميز بينهما.
§        تتضمن المواد الأولية والثانوية ومواد الدرجة الثالثة من مصادر المعلومات.
§        تديرها أحد المؤسسات البحثية أو التعليمية أو اتحاد يتألف من مجموعة من المؤسسات البحثية أو التعليمية.
§        تزود بالإنتاج الفكري العلمي من خلال إيداع Deposit  الباحثين سواء بشكل تطوعي أو إلزامي أو كليهما معًا وفقًا لسياسة المؤسسة في حالة كونها مستودعات مؤسسية.
§        تتيح الإنتاج الفكري العلمي بحد أدنى من القيود المادية والقانونية للمستفيدين سواء من داخل المؤسسة أو خارجها.
§        لا تنتهك حقوق النشر للمؤلفين والناشرين.
§        تختزن المواد وتنظمها وتبثها.
§        تحفظ المواد حفظا طويل المدى.
§        تتسم بالتراكمية والاستمرارية.
§        تخدم الأغراض المهنية والتعليمية.
§        تحكمها مجموعة من السياسات وخاصة فيما يتعلق بمسألة الإيداع وحقوق النشر.
واستخلاصا من كل ما سبق، يمكننا تعريف المستودعات الرقمية المفتوحة بأنها «عبارة عن قاعدة بيانات متاحة على الويب تقوم باستقطاب أنواع متعددة من الإنتاج الفكري العلمي، وبمختلف أشكال المواد الرقمية، فى موضوع ما أو مؤسسة ما لحفظها وتنظيمها وبثها دون قيود مادية، وبحد أدنى من القيود القانونية للباحثين ».
 

1/3/2 الأنواع

تبين من مراجعةالإنتاج الفكري للموضوعات المتاح لدى الباحثة )أن هناك إجماعا على نوعين رئيسين من المستودعات الرقمية المفتوحة هما:
1.    المستودعات المؤسسية
وهى المستودعات التابعة للجامعات والمؤسسات والمعاهد والمنظمات البحثية والتعليمية، والتي تعمل على استقطاب Captureالإنتاج الفكري للباحثين المنتسبين إليها فى جميع المجالات أو في عدد من المجالات أو مجال واحد، وفقا للتغطية المخططة للمستودع، وإتاحة  هذا الإنتاج للمستفيدين سواء داخل المؤسسة أو خارجها، وذلك وفقا للسياسة التي يقررها المسئولون عن المستودع. وحسب ما يؤكده الدليل العالمي للمستودعات الرقمية المفتوحة Opendoarفإنها أكثر المستودعات انتشارا.   
2.    المستودعات الموضوعية أو المتخصصة
وهى المستودعات التي تقدم الإتاحة فى مجال علمي واحد أو عدة مجالات، ويودع الباحثون فيها تطوعيا من جميع المؤسسات البحثية سواء على مستوى العالم أو فى نطاق عدة دول أو دولة بعينها وفقا لمجال التغطية الموضوعية للمستودع، وقد تتبع إحدى الكليات أو الأقسام والمعاهد العلمية، أو يدعمها عدد من المؤسسات المتخصصة فى المجال الموضوعي للمستودع.
كما يمكن تقسيم المستودعات وفقا لنوع المحتوى فكما يرى «ميورين بينوك  Pennock Maureen» يمكن أن تنقسم المستودعات وفقا لنوع محدد من المحتوى العلمى أو عدة أنواع وفقا للجهة التابعة لها والأهداف المرجوة منها، وفيما يأتي نوضح أنواع هذه المستودعات وفقًا لنوع المحتوى المودع بها
1.    مستودعات المقالات والبحوث  e-print repositoriesوهى المستودعات التى تتضمن المقالات والبحوث المحكمة ومسودات المقالات وقد يطلق عليها e-print repositories
2.    المستودعات التعليمية  e-learning repositoryوأحيانا يشار إليها بمستودعات الكيانات التعليمية والتي تضم مواد العملية التعليمية.
3.    مستودعات البيانات Data repository.
4.    مستودعات الرسائل الجامعية e-thesis repository
5.    المستودعات المختلطة Hybrid repositoryوهى التي تضم مزيجا من المصادر السابقة).
وقد تختلف الصفة المؤسسية والنوعية للمستودعات الرقمية، ومن ثم يمكن تقسيم المستودعات الرقمية المفتوحة وفقا  للتعاون والجهات المشاركة فيها والراعية لها كما يشير Pauline Simpsonعلى النحو الآتي):
1.    مستودعات مؤسسية لمؤسسة بحثية واحدة، وأبرزها مستودعات جامعة Nottinghamوجامعة Glasgowوجامعة Southampton
2.    مستودعات قومية مؤسسية داخل نطاق دولة واحدة  مثل مشروع DAREالقومي الذي يضم عددا من المستودعات المؤسسية الجامعية.
3.    مستودعات قومية موضوعية مثل مشروع Odin Pub Africa.
4.    مشروعات قومية مثل مشروع White Rose UK.
5.    مستودعات دولية مثل أرشيف الإنترنت Internet Archiveومستودع OAister.
6.    اتحادات المستودعات مثل مشروع SHERPA.
7.    مستودع وكالات التمويل المتخصصة مثل مستودع Pubmedالتابع لمعاهد الصحة القومية بالولايات المتحدة الأمريكية (NTH)ومستودع UK Pubmedبالمملكة المتحدة التابع لمؤسسة Wellcome.
 
 

1/4 المزاياوالسلبيات

1/4/1.المزايا

تعد المستودعات الرقمية - والمؤسسية منها بصفة خاصة - أحد القنوات غير الرسمية للاتصال العلمي الأكاديمي من خلال مصادر المعلومات المتعددة المتاحة بها، والتي تمثل منافذ الاتصال مهمة وشرعية().
ومن ثم فيمكن النظر إليها بوصفها فرصة كبيرة لتقديم خدمات ذات قيمة مضافة من خلال المزايا التي توفرها سواء للباحثين، والمؤسسات البحثية والمجتمع البحثي العلمي بأسره،  من خلال إتاحة نتائج البحوث دون مقابل على الويب).
وفيما يأتي نقدم استعراضا لأهم مزايا المستودعات المؤسسية والموضوعية للباحثين سواء كانوا مؤلفين أو قراء، والمؤسسات البحثية والمكتبات،والتي أشارت إليها العديد من الدراسات والبحوث()كما يتبين من الاستشهادات المرجعية .
1.    المزايا بالنسبة للباحثين
تمنح المستودعات الباحثين سواء كانوا مؤلفين أو قراء عددا من المزايا نذكر منها ما يأتي:
*       تعمل المستودعات بمثابة أرشيف مركزي لإنتاجهم الفكري يزيد من فرصه بثها، مما يتيح زيادة معدل الاطلاع والاستشهاد المرجعي، ومن ثم يزداد عامل التأثير Impact Factorالمتوقع للبحوث، وهو ما أكدته الدراسات من خلال تحليل الاستشهاد المرجعية من أن البحوث والدراسات المتاحة مجانًا يزداد الاستشهاد المرجعي بها أكثر من الدراسات والبحوث المتاحة فى الدوريات التجارية كما سبق الإشارة.
*       التواصل والتعرف على نتائج البحوث الجديدة للزملاء، مما يسفر عن مزيد من التراكم العلمي المعرفي والحصول على التغذية المرتدة بواسطة الآراء والتعليقات وهو ما يسمى بالتحكيم غير الرسمي.
*       تعد وسيطا لبث المواد التى لا يمكن نشرها فى قنوات النشر التقليدية كملفات الصوت والفيديو وملفات الجرافيك وغيرها من المواد.
*       تسجيل أولوية الأفكار والإنتاج الفكري وخاصة في المجالات العلمية المتحركة.
*       تلغي القيود التى تتعلق بعدد الصفحات في نشر البحوث بالدوريات العلمية.
*       تعد وسيطا للعديد من الاستخدامات التي يمكن أن تكون فى متناول الباحث ككتابة البحوث والمحاضرات وتحضيرها وإعداد السير الذاتية.
*       مساعدة الباحثين فى إدارة متطلبات الجهات الممولة للبحوث بإتاحتها فى المستودعات.
 
2.    المزايا بالنسبة للمؤسسات
تتمتع المؤسسات التى تنشئ المستودعات بعدد من المزايا وخاصة فى ظل تنوع أهداف المستودع وثراء محتواه، ومدى تشجيع الباحثين على المشاركة والمساهمة بالنتاج الفكري، ومن هذه المزايا:
*       الارتقاء والنهوض بمكانة المؤسسة العلمية من خلال تزايد مرات الاطلاع وكثافتها والاستشهاد المرجعي بالإنتاج الفكري للباحثين المنتسبين إليها فى الأوساط العلمية محليًا وعالميًا.
*       أنها سجل دائم للحياة الفكرية والعلمية والثقافية للمؤسسة.
*       تعد أداة دعاية وتسويق للمؤسسة يمكن أن تسهم فى جذب أعضاء وطلاب جدد ومصادر تمويل ومنح خارجية.
*       تعمل على الحفظ طويل المدى بشكل آمن للنتاج الفكري للمؤسسة.
*       استقطابالأنواع الأخرى من الإنتاج الفكري الرمادي Grey literature.
*       إتاحة الفرصة للمواد التعليمية التي لم تعد تستخدم بإعادة استخدمها مرة آخري، وهى بذلك تسهم بكونها مصدرًا لدعم العملية التعليمية بإدراج المحاضرات وملفات الفيديو والنماذج والرسائل العلمية.
*       السماح للمؤسسة بإدارة حقوق الملكية الفكرية Intellectual Property Rightمن خلال توعية الباحثين بالمؤسسة بقضايا الطبع والنشر.
*       تعد أداة مهمة لإدارة الخبرات تقييم البحوث وتحكيمها Research Assessment Expercises (RAE).
*       تقديم خدمات القيمة المضافة Add Valueمن خلال تكشيف الاستشهادات المرجعية والضبط الاستنادى للأسماء, بغرض للتحليل الكيفي والكمي لقياس أداء الباحث في المجال وإنجازه وإسهامه فيه.
*       التعرف على قيمة المؤسسة العلمية والاجتماعية والمادية التي تترجم إلى فوائد ومنافع ملموسة تتمثل في الحصول على مصادر تمويل خارجية.
 
3.    المزايا بالنسبة للمكتبات
*       تسمح للمكتبات بأداء دور ريادي من خلال مشاركتها فى عمليات الإعداد للمستودع بحسبها المؤسسة المسئولة عن المستفيدين، والتي تملك المعرفة والخبرة باحتياجاتهم ومتطلباتهم.
*       تساعد المكتبات فى مواجهة متطلبات العصر الرقمي بتلبية احتياجات المستفيدين من المعلومات والخدمات.
*       محاولة سد الفجوة بين احتياجات المستفيدين وتراجع ميزانيات المكتبات أمام تزايد ارتفاع أسعار الدوريات العلمية.
*       التغلب على أزمة الترخيص التي تتعلق بالتعامل مع الدوريات الإلكترونية والتى سبق أن أشرنا إليها.
 

1/5/1. السلبيات

أعدت عدد من الدراسات والاستطلاعات المسحية الأكاديمية سواء من قبل الباحثين بشكل فردى، أو بدعم من بعض الجهات التى تدعم حركة الوصول الحر - كمؤسسة JISCعلى سبيل المثال - وذلك بهدف التعرف على اتجاهات وآراء الباحثين حول استخدامهم للمستودعات أو إسهاماتهم فيها، وإن كانت هناك أي سلبيات أو صعوبات تحول دون المشاركة بتلك المستودعات.
وقد بينت نتائج تلك الدراسات انحصار السلبيات أو العيوب التي تتعلق بالمستودعات الرقمية المفتوحة في ببعض المخاوف والاعتقادات من قبل الباحثين والمؤلفين المتمثلة في الآتي*:
*       أن مشاركتهم فى الإيداع بالمستودعات قد تعوقهم عن النشر فى الدوريات العلمية فى المجال سواء بعد أو قبل نشر العمل.
*       ثقل عبء إرسال البحوث للمستودعات من قبل الأكاديميين.
*       الخوف من انتحال الأعمال العلمية وسرقتها.
*       الخوف من التعدي على الاتفاقات وحقوق الناشرين، ويرجع ذلك لعدم الوعي الكافي بقضايا حقوق الملكية الفكرية.
*       الاعتقاد بتدني جودة النتاج الفكري المتاح بالمستودعات أو انخفاضها نتيجة لعدم التوضيح والتفريق بين مسودات المقالات غير المحكمة والمقالات المحكمة، رغم أن سياسات المحتوى بأغلب لمستودعات الرقمية المفتوحة أصبحت تنص على التعامل بشفافية مع المستفيدين بوضع علامات تفرق بين مسودات المقالات والمقالات المحكمة، أو بتوضيح ذلك فى البيانات الببليوجرافية مما يسهم فى التحكم فى عملية الجودة Quality Control.
*       معوقات تكنولوجية تتمثل فى عدم إلمام الباحثين بمهارات تطبيقات شبكة الإنترنت.
 

1/5. الوظائفوالخصائص

1/5/1. الوظائف

تنهض المستودعات الرقمية المفتوحة بثلاث وظائف أساسية لتحقيق المزايا والمنافع للمؤسسات والباحثين كما سبق الإشارة، وهذه الوظائف هي نفسها وظائف الدوريات العلمية التقليدية مع اختلاف تفاصيلها التي تتفق مع خصائص وأهداف المستودعات الرقمية المفتوحة، وهذه الوظائف تتمثل فيما يأتي
 
1.    التسجيل Registration
تحدد المستودعات فى هذه الوظيفة طرق إرسال المواد والمصادر العلمية التي تمكن الباحث من إيداع بحثه سواء بنفسه أو من خلال خطوات يتبعها بالموقع أو عن طريق أحد المسئولين عن ذلك من خلال البريد الالكتروني.
2.    الإحاطة Awareness
تنهض عملية الإحاطة على شقين الأول منهما يتعلق ببناء المستودع متوافقًا مع المعايير الدولية كمعيار مبادرة الأرشيف المفتوح لضمان البحث فى محتوى المستودع من قبل محركات وأدوات البحث، أما الشق الثاني من الإحاطة فيتمثل في إعلام المستفيدين بالمواد الجديدة في مجالات اهتمامهم من خلال البريد الالكتروني أو خدمة المستخلص الوافي RSS، أو إعداد قائمة بالإضافات الحديثة.
3.    الحفظ والأرشفة Archiving
وهى أحد الوظائف المهمة والمميزة للمستودعات الرقمية المفتوحة التي تقوم على الحفظ طويل المدى للأعمال التي يودعها العاملون المنتسبين للمؤسسة. ويضمن هذه الوظيفة السياسات الموثقة للمستودعات واتخاذ التدابير من البرمجيات والإجراءات المطلوبة للحفظ طويل المدى، والتي تتمثل فى عدد من الخطوات الشائعة والمتعارف عليها نذكر منها:
·        تعين عنوان مصدر محدد دائم لكل وثيقة.
·        الاحتفاظ بنسخ احتياطية من الوثاثق لكل فترة زمنية معينة.
·        ترحيل الملفات إلى أشكال أخرى من الملفات إذا استدعت ذلك دواعي الضرورة.
·        تطبيق أفضل تقنيات ومعايير وبرامج الحفظ المتعارف عليه.
 

1/5/1. الخصائص

تتصف المستودعات الرقمية المفتوحة بمجموعة من الخصائص التي تستمدها من طبيعة الوظائف التى تنهض بها وتميزها عن غيرها من المواد والمصادر الرقمية)المتاحة على الويب وهى:
1.    احتواؤها على أنماط متعددة من الملفات النصية وملفات الفيديو وملفات الصور والكيانات التعليمية ومجموعات البيانات، وهذه المواد يمكن أن تكون فى شكل رقمى من البداية أو تحول إلى شكل رقمي سواء كانت منشورة أو غير منشورة.
2.    المستفيدون مسئولون بشكل فردى على ما يودعونه بالمستودعات الرقمية المفتوحة بحسبهم مالكي حق النشر أو المسئولين عن الحصول على تصريح بذلك من صاحب حق النشر.
3.    إذا كانت المستودعات تتبع مؤسسات بحثية وليست متخصصة فهى تتخذ طابعًا مؤسسيا يتمثل فى التعاون والمشاركة بين الأقسام العلمية للحصول على الإنتاج الفكري العلمي، ومن ثم فهي التجسيد الواقعي والتاريخي للحياة الفكرية للمؤسسة، كما تتمتع بالدعم المادي المستمر الذي تقدمه تلك المؤسسات.
4.    تتسم بالتراكمية والاستمرارية Cumulative and Perpetualوهو ما يعنى جمع المحتوى بغرض الحفظ طويل المدى ولا يحذف ولا يلغى إلا في حالات تحددها سياسات المسئولين عن المستودع. منها على سبيل المثال أن يكون مخترقًا لحق النشر، أو منتحلا لمادة علمية، وذلك من خلال إعداد آليات ومعايير وسياسات وتطويرها وتطبيق نظم إدارة المحتوى.
5.    إتاحة الوصول الحر والتشغيل البينيمع مختلف النظمinteroperability and open، وتتمثل «إتاحة الوصول الحر» فى السياسات التي تكفل الإتاحة بما يتفق مع شرعية الوصول وخاصة فيما يتعلق بالمواد غير المنشورة؛ حيث إن هناك بعض الحالات القانونية التي تتطلب من المؤسسة قصر الإتاحة على محتوى معين على مجموعة معينة من المستفيدين، أما فيما يتعلق بالقدرة على العمل والتشغيل البينى مع مختلف النظم الخارجية فتتمثل فى الاتفاق مغ المعايير الدولية التى تسمح بالمشاركة بالميتاداتا والمشاركة من خلال إمكانية تكشيف المحتوى من قبل محركات البحث لإتاحته للمستفيدين.
 

1/6. عوامل انتشارالمستودعاتالرقميةالمفتوحة

أسهم توافر عدة عوامل وإمكانات في إنشاء المستودعات الرقمية المفتوحة، بل فى انتشارها، فكما يذكرAlma Swan  وLeslie Carrحدثت منذ عام 2006 تطورات في عالم المستودعات، وتزايدت أعدادها بمعدل ظهور مستودع يوميا على مستوى العالم، بل جعلا من دلائل جدية المؤسسات البحثية حرصها على تأسيس وإعداد المستودعات الرقمية المفتوحة لديها() كما سبق أن أشرنا، وترى الباحثة أن من أهم العوامل والإمكانات التي ساعدت على ذلك ما يأتي:

1/6/1 . سياسات مؤسسات منح و تمويل البحث العلمي الكبرى

 
السياسات التى أعلنتها مؤسسات منح وتمويل البحوث العلمية الكبرى، والتي طالبت بعضها - وكلف البعض الآخر منها - الباحثين بإيداع نسخة من بحوثهم الممولة من قبلهم بعد فترة معينة من النشر فى المستودعات التابعة للمؤسسات المنتسبين إليها، أو أحد المستودعات الموضوعية فى المجال تحت شعار publish or perish، ومن أوائل هذه المؤسسات مؤسسة Wellcome Trustالبريطانية كأحد المؤسسات البحثية الكبرى، وكذلك المعهد القومي للصحة    National Institute Healthوالمعروف ب(NIH)بالولايات المتحدة، والتي ناصرت حركة الوصول الحر للمعلومات. وقد أكدت الدراسات المسحية أن 95% من الباحثين يقبلون التكليف بالإيداع بالمستودعات).
 

1/6/1. إصداربرمجيات نظم المصدرالمفتوح المجانية

إصدار برمجيات نظم المصدر المفتوح المجانية لتأسيس وإدارة المستودعات الرقمية المفتوحة، ومن أوائل وأهم هذه البرمجيات برنامج Eprintالذى طورته جامعة Southampton Universityعام2001، وبرنامج Dspaceالذى طورته مكتبات جامعة MIT Universityبالتعاون مع شركة Hewlett-packardعام2002.
وكلا البرنامجين يكمل احتياجات وأهداف المؤسسات المختلفة فى المستودعات التى تنشئها() ويعدان أكثر البرامج تطبيقا بالمستودعات الرقمية المفتوحة فى العالم.
وقد أعد دليل الوصول الحر open access directory (OAD)دليلا أو بمعنى أدق قائمة ببرمجيات نظم المصدر المفتوح المتوافقة مع مبادرة الأرشيف المفتوح()، التى وصل عددها إلى 13 برنامجا.
ومن الجدير بالذكر أن دليل معهد المجتمع المفتوح open society institute، والذي وصل إلى الطبعة الثالثة فى أغسطس 2004، حصر أهم 9 برامج آنذاك سواء كانت مجانية أو تجارية، مع مستخلص يعرف بكل برنامج والمصادر المتاحة عنه، ليكون بمثابة مرشد لاختيار البرنامج المناسب لاحتياجات المستودعات الرقمية المفتوحة.
 

1/6/3. تعديل سياسات الناشرين

تغيير سياسات بعض الناشرين تجاه الإيداع والحفظ بالمستودعات الرقمية المفتوحة سواء كانت مؤسسية أو موضوعية، وخاصة فى الدول المتقدمة، وتعديلها لضمان السماح والتصريح للمؤلفين بإيداع النسخ النهائية Post-printمن بحوثهم بالمستودعات كما سيتضح لاحقا فى مشروعات قضايا النشر.
 

1/6/4. تطويرأدواتللبحثفىمحتوىالمستودعات

يعد من أهم عوامل انتشار المستودعات الرقمية المفتوحة تطوير أدوات للبحث فى محتواهاكأداة البحث OAisterوتمكين محركات البحث العامة جوجل Googleوياهو yahooمن البحث فى المستودعات الرقمية المتوافقة مع بروتوكول مبادرة الأرشيف المفتوح مما أدى إلى قوة وتنامي الأرشفة المفتوحة Open archiving
 

1/6/5. تأسيس المشروعات الكبرى

تأسيس العديد من المشروعات الكبيرة التي تدعم إنشاء المستودعات من كافة الجوانب المختلفة وتتيحها، والتي توجد أغلبها تحت رعاية ودعم مشروع Securing a Hybrid  Environment for Research Preservation and Accessالبريطاني المعروف بـ(SHERPA)سواء بمفردها أو بالشراكة مع مؤسسات أخرى والتي سيأتي ذكرها لاحقا بشيء من التفصيل.
 

1/6/6. منفذ للاتصال العلمي غير الرسمي

تمثل أحد طرق الاتصال العلمي غير الرسمية للأوراق غير المنشورة كمسودات المقالات والعروض التقديمية وأيضا عروض المؤتمرات المرئية التي لا تجد طريقها للنشر بوسائل النشر التقليدية( وهو ما يطلق عليه الإنتاج الفكري الرمادي Grey literatureوبثها بشكل أفضل على نطاق واسع، وبناء عليه تتكامل مع وسائل النشر والبث التقليدي للإنتاج الفكري العلمي).
 

1/7.نماذج من مشروعات دعم المستودعات الرقمية المفتوحة

تكمن قوة حركة الوصول الحر للمعلومات - وخاصة فيما يتعلق بالمستودعات الرقمية المفتوحة - فى دعم مؤسسات البحث العلمي الموجودة من خلال مشروعات أنشئت لتعزيزها في الاتجاهات والجوانب التى تحقق لها الوجود وتكفل لها الانتشار سواء فى الدول المتقدمة أو النامية التي تعد فى أمس الحاجة لوجودها. وقد قسمت الباحثة هذه المشروعات وفقًا للجوانب التي تدعمها إلى ثماني فئات أساسية سواء على مستوى التطبيق أوالتنظير، على النحو الآتي وكما هو مبين فى شكل رقم (3):
 
 
§        مشروعات دعم الجوانب التقنية والفنية.
§        مشروعات قضايا حقوق النشر.
§        مشروعات دعم الإيداع بالمستودعات الرقمية المفتوحة.
§        مشروعات تأسيس المستودعات الرقمية.
§        مشروعات متابعة ورصد تطورات المستودعات الرقمية المفتوحة.
§        مشروعات أدوات بحث مصادر الوصول الحر وهى ما يطلق عليها مقدمو خدمات البحث Services provider.
§        مشروعات حصر وتسجيل المستودعات.
§        مشروعات التوعية بحركة الوصول الحر.
وفيما يأتي نتناول كل فئة بشيء من التفصيل.

مشروعات دعم الجوانب التقنية والفنية

وتتمثل هذه المشروعات فى دعم نظم إنشاء المستودعات الرقمية المفتوحة وإدارتها، وتطوير المعايير التقنية والبروتوكولات، وجمع الميتاداتا، وفيما يأتي عرض توضيحي لهذه المشروعات.
1.    مشروعات دعم نظم إنشاء  وإدارة المستودعات الرقمية المفتوحة
تعد مشروعات دعم نظم إنشاء المستودعات الرقمية المفتوحة وإدارتها من أهم المشروعات التى حولت النظرية إلى تطبيق، وكانت بداية هذه المشروعات عام 2002؛ وهو العام الذى تشكلت فيه فلسفة حركة الوصول الحر للمعلومات وآلياتها، وهى برامج تعمل على تسكين المحتوى الرقمي، وربط الميتاداتا بكل مفردة، والكشف عنها باستخدام بروتوكول الأرشيف المفتوح لجمع الميتاداتا، ومعظم هذه البرامج مفتوحة المصدر ويمكن تحميلها بالمجان).
ومن أهم هذه البرامج وأقدمها برنامج Eprintالذى توفر عليه باحث يدعىهارند  Harnadوفريق بحثي من جامعة Southamptonعام 2001 ثم أطلقت الإصدار رقم 3 فى مارس 2004)، ويبلغ عدد المستودعات التي تطبق هذا البرنامج وفقًا لدليل OpenDOAR     309 مستودعات حتى يناير 2011 وهو ما يمثل نسبة 16.6%.
يليه برنامج Dspaceالذى أطلقته عام 2002 مكتبات جامعة MIT Universityومؤسسة Hewlett-packard، ويطبقه 711 مستودعا حتى يناير 2011 وفقا لدليل Opendoar، وهو ما يمثل نسبة 39.5%، وقد يرجع السبب فى ذلك إلى أن برنامج Dspaceساعد على ظهور موجة ثانية من المستودعات التى تضم الأشكال التقليدية كمقالات الدوريات وفصول الكتب وأعمال المؤتمرات بجانب الأشكال الأخرى غير النصية مثل ملفات المواد السمعية والبصرية ومجموعات البيانات، وأي أشكال جديدة أخرى، والذي يعد الخيار المناسب لإدارة مختلف أنواع مواد المحتوى الرقمي وأي أشكال أخرى جديدة().
ثم توالى ظهور البرامج التجارية منذ عام 2005كبرنامج Open Repositoryأحد الخدمات المقدمة من قبل Biomed Centralلإنشاء وتصميم المستودعات بشكل متفرد. ويتسم هذا البرنامج بالخصوصية فى اختيار عنوان الموقع والألوان والصور، التي تتناسب مع المؤسسات التى يتبعها، بالإضافة إلى كونه يسمح بخزن العديد من أشكال الملفات وحفظها، ويدعم أكثر البرامج شيوعا، ويقدم إصدارين إصدار ذهبي وآخر فضي().
2.    بروتوكولمبادرة الأرشيف المفتوحلجمع الميتاداتا Open Archives Initiative Protocol for Metadata Harvesting (OAI-PMH)
أسفرت حركة الأرشيفات المفتوحة Open archiving movementعن مبادرة الأرشيفات المفتوحة، التي أعلنت عام 2000 بهدف تطوير معايير التشغيل البيني بين النظم والبرامج المختلفة وتعزيزها، التي تيسر كفاءة بث المحتوى الرقمي واكتشافه في المستودعات المتفرقة كبروتوكول جمع الميتاداتا المبنى على معيار دبلن كور للمصادر الموزعة عبر الخوادم المتوافقة مع هذا المعيار.
وقد كان التركيز في البداية ينصب على المواد النصية لكنه امتد لمدى أكثر اتساعا من الكيانات الرقمية Digital Objectمثل مجموعات البيانات وملفات الفيديو والتقارير الفنية(
ويقدم بروتوكول جمع الميتاداتا خيارا يتسم بالبساطة لفهرسة المستودعات الرقمية المفتوحة وخدمتها لإتاحة الميتاداتا لخدمات البحث الأخرى على أن تكون بيانات الميتاداتا فى شكل ملائم اعتمادا على معايير بروتوكول HTTPومعايير XMLوأن يكون لكل مفردة فى المستودع معرف موحد، وللمستودع عنوان مصدر محدد، ويكون بناء الميتاداتا مستندا إلى معيار الدبلن الكور، وطابع لآخر تعديل أو إنشاء للميتاداتا Date-stamps for metadata.
وقد حققت مبادرة الأرشيف المفتوح ببروتوكول جمع الميتاداتا مبدأ الوصول الحر للمستودعات للباحثين في جميع أنحاء العالم دون قيود تكنولوجية للمستفيدين غير المنتسبين للمؤسسات التي تضم تلك المستودعات، وللمستودعات المتخصصة لاسترجاع مصادر المعلومات، ومن ثم يجب أن يتوافر في نظم إنشاء المستودعات الرقمية وإدارتها القدرة على العمل مع أنظمة التشغيل والخوادم المختلفة لتقديم الإتاحة عبر العديد من أدوات البحث والاسترجاع المختلفة، وهو لا يتطلب تطبيق المؤسسات إمكانات ووسائل للبحث والاسترجاع لهذا الغرض، وإنما المتطلب الوحيد إعداد الميتاداتا والكشف عنها حتى يمكن لأدوات البحث من جمع المحتوى والبحث فيه هو إلحاق برنامج نظام بالمحتوى لديه القدرة على إنشاء الميتاداتا والمشاركة بها مع النظم الخارجية. ولتحقيق القدرة على العمل مع مختلف نظم التشغيل والأنظمة المختلفة فإن ذلك يتطلب معرفا مميزا ودائما لكل وثيقة Identifiersوأشكال معيارية من الميتاداتا، وبروتوكول لجمع الميتاداتا الذي يسمح بجمع الميتاداتا من المستودعات المتفرقة Distributedلإجراء البحث على الميتاداتا واسترجاع الوثائق(.
 

1/7/2. مشروعاتقضاياحقوقالنشر

تمثل قضايا حقوق النشر لإيداع المقالات المنشورة فى الدوريات العلمية بالمستودعات الرقمية سواء المؤسسية أو الموضوعية إحدى أعقد القضايا التي أثيرت وأهمها، وقد تباينت ردود فعل الناشرين حولها ما بين مؤيد ومعارض وخاصة فى مجالات الطب والعلوم والتكنولوجيا.
وكان من أبرز المعارضين لوضع المقالات المنشورة كلا من ناشر دورية New England Journalفى مجال الطب، وناشر دورية  The American chemical societyفى مجال الكيمياء، مما أسفر عن عقد مؤتمر بعنوان Universal access to STM information by evaluation or revaluationمن قبل الجمعية الدولية للناشرين للعلوم التقنية والطبية International association of scientific technical & medical publication  وقرر المؤيدون السماح للمؤلفين بحق إدراج Postالمقالات المنشورة أو وضعها فى المستودعات المؤسسية على حسب أنها من المحتمل أن تكون دعاية للنشر الأساسي بدورياتهم، وفى حالة حدوث أي أضرار أو تأثير سلبي على النشر بهذه الدوريات تضيق اتفاقيات حقوق النشر مع مراقبة الاتفاقيات الممنوحة.
وبدأ توجه العديد من الناشرين من خلال سياستهم بالسماح بوضع المقالات المنشورة بالمستودعات المؤسسية، وقد اختلفت سياسات الناشرين اختلافا كبير وخاصة فى مجالات الفيزياء والفضاء والحاسب الآلي والاقتصاد، فقد سمح بعض الناشرين بإيداع المقالات المنشورة بالمستودعات، والبعض الآخر فرق فى سياساته بين محتوى المقال وشكل المقال المنشور فى الدورية)، ومن المشروعات التى أعدت فى هذا الصدد ما يأتي:
 
 
1.    مشروع روميوRights MEtadata for Open archiving(RoMEO) 
أعد الاتحاد الأمريكي للنشر العلمي والمصادر الأكاديمية SPARCفى عام 2003 مشروعا ببريطانيا يسمى روميو RoMEoويموله كل من مؤسسة Wellcometrustومؤسسة  JISCبهدف مسح سياسات ناشري الدوريات العلمية؛ لتوضيح سياسات الناشرين نحو إيداع المقالات المنشورة بالمستودعات الرقمية، ووضعها فى قاعدة بيانات تكشف تفاصيل الحقوق التي تمنح للمؤلفين وتوضحها، وتمكن من البحث فيها باسم الناشر وعنوان الدورية، والرقم الدولي المعياري للدوريات ISSN.


وجدير بالذكر أنه توضع علامة أمام كل مجموعة من المجموعات الخمس السابقة ومدى توافق سياستها مع سياسات ممولي البحوث التي ينشرونها.
وهناك فئة أخرى لم يدرجها المشروع بين مجموعاته السابق الإشارة إليها؛ وهى فئة الناشرين الذين يضعون قيودًا على إيداع المقالات بعد فترات زمنية من الحظر لا تزيد عن مدد تتراوح ما بين 6 أشهر أو 12 و24 شهرا، وربما أطول في بعض الأحيان، على اعتبار أن الحقوق التى يستردها المؤلف بعد فترة حظر لا يحدد لها لون.
وقد يفسر أن عدم إدراج هذه الفئة قد يكون نوعًا من الاحتجاج من قبل القائمين على المشروع لحث الناشرين على تحديد مواقفهم.
ورغم ذلك فقد أوجد القائمون على المستودعات لسياسات هذه الفئة من الناشرين حلا يمكنه التعامل مع المواد المحظورة حتى تنتهي فترة الحظر بإتاحة البيانات الببليوجرافية للمقال مع وضع زر Buttonلطلب المقال من المؤلف بإرسال نسخة عبر البريد الالكتروني دون خرق لحق النشر، ويضع مديرو المستودعات علامات على المواد المحظورة للتذكير بالعودة إليها مرة أخرى لإرفاق النص الكامل بعد انتهاء فترة الحظر.
ويتضح من تحليل Xuemao WangوChang Suلسياسات الناشرين الواردة بمشروع روميو أن 93% من الناشرين عدلوا فى سياسة النشر بإيداع المقالات().
أما فيما يتعلق بفئة اللون الأبيض التي لا تدعم الوصول الحر فقد أعد مشروع SHERPAنموذج طلب Requests to publisherلمراسلة الناشرين للتفاوض معهم من قبل المؤلفين لإدراج موادهم فى المستودعات